9- دعا له فطال عمره وهو شاب
ثبت أنه دعا للسائب بن يزيد ومسح بيده على رأسه ، فطال عمره حتى بلغ أربعاً وتسعين سنة ، وهو تام القامة معتدل ، ولم يشب منه موضع أصابت يد رسول الله ومًتع بحواسه وقواه . ]حديث صحيح : أخرجه البخاري في المناقب ، ومسلم في الفضائل [
40- كان إذا باع شيئاً ربح فيه بسبب دعاء النبي r له
صاحب هذه الشهادة عروة بن أبي الجعد المازني – رضي الله عنه – أعطاه رسول الله ديناراً ليشتري له به شاة فاشترى به شاتين وباع إحداهما بدينار ، وأتاه بشاة ودينار ، فقال له : (( بارك الله لك في صفقة يمينك )) .
وفي رواية : فدعا له بالبركة في البيع ، فكان لو اشترى التراب لربح فيه .
]أخرجه البيهقي في الدلائل (6/220) ، قال ابن كثير : وثبت في الحديث ، البداية (6/185)[
41- دعا له بالبركة فزاد ماله
عن أبي عقيل أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام إلى السوق ، فيشتري الطعام ، فيلقاه ابن الزبير وابن عمر فيقولان : أشركنا في بيعك فإن رسول الله قد دعا لك بالبركة فيشركهم ، فربما أصاب الراحلة كما هي فبعث بها إلى المنزل . ]حديث صحيح : أخرجه البخاري في الدعوات [
42- لم يدفن في الأرض
عن أنس – رضي الله عنه – أنّ رجلاً كان يكتب للنبي وكان قد قرأ البقرة وآل عمراه وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران عز فينا – يعني عظم – فكان رسول الله يُملي عليه غفوراً رحيماً ، فيكتب عليماً حكيماً ، فيقول له النبي : (( اكتب كذا وكذا )) فيقــول : أكتب كيف شئت ، ويُملي عليه : عليماً حكيماً ، فيكتب : سميعاً بصيراً ، فيقول له النبي : (( اكتب كذا وكذا )) فيقول : اكتب كيف شئت .
قال : فارتد ذلك الرجل عن الإسلام فلحق بالمشركين وقال : أنا أعلمكم بمحمد ، وإني كنت لا أكتب إلا ما شئت فمات ذلك الرجل ، فقال النبي : (( إن الأرض لا تقبله )) .
قال أنس : فحدثني أبو طلحة أنه أتى الأرض التي مات فيها ذلك الرجل فوجده منبوذاً ، فقال أبو طلحة : ما شأن هذا الرجل ؟ قالوا : قد دفناه مراراً فلم تقبله الأرض .
]حديث صحيح : أخرجه أحمد ( 3/120-121) ورواه البخاري في كتاب المناقب باب علامات النبوة رقــم ( 3617) بلفظ آخر وقال ابن كثير عن رواية أحمد : صحيح على شرط الشيخين [.
43- لا يشبع أبداً
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : كنت ألعب مع الغلمان فجاء رسول الله فاختبأت منه ، فجاءني فحطاني حطوة ( أي ضربه بيده وهي مبسوطة الكفين ) أو حطوتين وأرسلني إلى معاوية في حاجة ، فأتيته وهو يأكل فقلت : أتيته وهو يأكل ، فأرسلني الثانية فأتيته وهو يأكل فقلت : أتيته وهو يأكل . فقال : (( لا أشبع الله بطنه )) . فما شبع بعدها .
]رواه البيهقي في الدلائل ( 6/243) [.
قال ابن كثير : وقد كان معاوية – رضي الله عنه – لا يشبع بعدها ، ووافقته هذه الدعوة في أيام إمارته فيقال : إنه كان يأكل في اليوم سبع مرات طعاماً بلحم وكان يقول : والله لا أشبع وإنما أعيى . ]ابن كثير : البداية والنهاية ( 6/189) [
قلت : وهذا الأمر جاء لمعاوية على أنه استجابة لدعاء النبي وابتلاء من الله تعالى لمعاوية ، ولم يكن غاضباً ولا سخطاً من الرسول على معاوية رضي الله عنه .
44- تفل النبي في يد الصحابي فاجتمعت وبرأت
عن خبيب بن أساف – رضي الله عنه – قال : أتيت رسول الله أنا ورجل من قومي في بعض مغازيه فقلنا : إنا نشتهي أن نشهد معك مشهداً ، قال : (( أسلمتم ؟ )) قلنا : لا ، قال : (( فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين )) ، قال : فأسلمنا ، وشهدت مع رسول الله فأصابتني ضربة على عاتقي فجافتني ، فتعلقت يدي ، فأتيت رسول الله فتفل فيها وألزقها ، فالتأمت وبرأت ، وقتلت الذي ضربني ، ثم تزوجت ابنة الذي قتلته وضربني ، فكانت تقول : لا عدمت رجلاً وشّحك هذا الوشاح ، فأقول : لا عدمتِ رجلاً أعجل أباك إلى النار .
]حديث حسن : أخرجه البيهقي في الدلائل ( 6/178) ورواه الإمام أحمد (3/454) ، ونقله في الإصابة ( 1/418) [
45- ابن عباس حبر الأمة بسبب الدعاء النبوي
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : أتى رسول الله الخلاء فوضع له وضوءاً ، فلما خرج قال : (( من صنع هذا ؟ )) قالوا : ابن عباس ، قال : (( اللهمّ فقهه في الدين )) .]حديث صحيح : أخرجه البخاري ، ومسلم [
وعنه قال : إنّ رسول الله وضع يده على كتفي ثم قال : (( اللهم فقهه في الدين وعلّمه التأويل )) .
]حديث صحيح : أخرجه الحاكم (3/534) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، وقال الذهبي صحيح ، ورواه البيهقي في الدلائل (6/192) [.
وقد استجاب الله لرسوله هذه الدعوة في ابن عمه ، فكان إماماً يُهتدى بهداه ، ويُقتدى بسناه في علوم الشريعة ، ولا سيما في علم التأويل وهو التفسير ، فإنه انتهت إليه علوم الصحابة قبله ، وما كان عقله من كلام ابن عمه رسول الله ، قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - : لو أنّ ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره أحد منا وكان يقول : نعم ترجمان القرآن ابن عباس . ]رواه الحاكم في المستدرك ( 3/537) [
هذا وقد تأخرت وفاة ابن عباس عن وفاة عبد الله بن مسعود ببضع وثلاثين سنة ، فما ظنك بما حصله بعده في هذه المدة وقيل : خطب الناس ابن عباس في عشية عرفة ، ففسّر لهم سورة البقرة ففسرها تفسيراً لو سمعه الروم والترك والديلم لأسلموا – رضي الله عنه وأرضاه - .
46- أخبر بهزيمة المشركين في حُنين فانهزموا
عن العباس بن عبد المطلب – رضي الله عنه – قال : شهدت مع رسول الله يوم حُنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله لم نفارقه ، ورسول الله على بغلة له بيضاء ، فلمّا التقى المسلمون والمشركون ولّى المسلمون مُدبرين ، فطفِق رسول الله يركض بغلته قِبل الكفار ، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله أكفها إرادة أن لا تسرع ، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله .
فقال رسول الله : (( أي عباس ناد أصحاب السمرة )) قال العباس وكان رجلاً صيّتاً ، فقلت بأعلى صوتي : أين السمرة ؟ فو الله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ، فقالوا : يا لبيك يا لبيك ، فاقتتلوا هم والكفار ، والدعوة في الأنصار يقولون : يا معشر الأنصار ، يا معشر الأنصار ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج ، فنظر رسول الله وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال : (( هذا حين حمي الوطيس )) ثم أخذ رسول الله حصيات فرمى بهنّ وجوه الكفار ، ثم قال : (( انهزموا وربّ محمد )) ، فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى ، فو الله ما هو إلا أن رماهم بحصياته ، فما زلت أرى حدهم ( أي بأسهم ) كليلاً وأمرهم مُدبراً .
]حديث صحيح : رواه مسلم في غزوة حُنين [
47- دعا له بالشهادة فمات شهيداً
عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال : خرجنا مع رسول الله في غزوة بني أنمار.. فبينما أنا نازل تحت شجرة إذا رسول الله فقلت : يا رسول الله هلم إلى الظل قال : فنزل رسول الله فقمت إلى غرارة (إي شبه العدل ، وجمعها غرائر ) لنا ... إلى أن قال : وعندنا صاحب لنا نُجهّزه يذهب يرعى ظهرنا ( إي دوابنا) قال : فجهزته ، ثم أدبر يذهب في الظهر وعليه بُردان له قد خلقا ( أي بليا ) قال : فنظر رسول الله إليه فقال : (( أما له ثوبان غير هذين ؟)) فقلت : بلى يارسول الله له ثوبان في العيبة ( أي مستودع الثياب ) كسوته إياهما قــــال : (( فادعه فَمره فليلبسهما )) قال : فدعوته فَلبَسهما ثم ولى يذهب قال : فقال رسول الله: (( ماله ضرب الله عنقه ( أي قال الباجي : هي كلمة تقولها العرب عند إنكار الأمر ) أليس هذا خيراً له ؟ )) قال : فسمعه الرجل فقال : يارسول الله ، في سبيل الله ، فقال رسول الله : (( في سبيل الله )) قال : فَقُتل الرجل في سبيل الله .
]أخرجه مالك في الموطأ كتاب اللباس ( 2/694) ورواه البيهقي في الدلائل ( 6/244) [.
48- حضور الطعام الطهي بدعاء النبي
عن واثلة بن الأسقع- رضي الله عنه – حضر رمضان ونحن في أهل الصفة فصمنا فكنا إذا أفطرنا أتى كل رجل منا رجل من أهل البيعة فانطلق به فعشّاه ، فأتت علينا ليلة لم يأتنا أحد وأصبحنا صياماً ، وأتت علينا القابلة فلم يأتنا أحد ، فانطلقنا إلى رسول الله فأخبرناه بالذي كان من أمرنا فأرسل إلى كل امرأة من نسائه يسألها هل عندها شيء؟ فما بقيت منهن امرأة إلا أرسلت تُقسم : ما أمسى في بيتها ما يأكل ذو كبد ، فقال لهم رسول الله: (( فاجتمعوا )) فدعا وقال : (( اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك فإنها بيدك لا يملكها أحد غيرك )) فلم يكن إلا ومستأذن يستأذن فإذا بشاة مصلية ورغف ، فأمر بها رسول الله فوضعت بين أيدينا ، فأكلنا حتى شبعنا ، فقال لنا رسول الله: (( إنا سألنا الله من فضله ورحمته ، فهذا فضله ، وقد ادّخر لنا عنده رحمته )) .
]حديث حسن : اخرجه البيهقي في الدلائل (6/129) ورواه الطبراني وإسناده حسن [.
49- إسلام أم أبي هريرة بدعاء الرسول
عن أبي كثير الغُبري قال : قال أبو هريرة – رضي الله عنه - : ما على وجه الأرض مؤمن ولا مؤمنة إلا وهو يحبني ، قال : قلت : وما علمك بذلك يا أبا هريرة ؟ قال : إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام ، فتأبى ، وإني دعوتها ذات يوم فأسمعتني في رسول الله ما أكره ، فجئت رسول الله فقلت : يا رسول الله ، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى عليّ ، وأنا دعوتها فأسمعتني فيك ما أكره ، فادع الله يا رسول الله أن يهدي أم أبي هريرة إلى الإسلام ، فدعا لها رسول الله فرجعت إلى أمي أبشّرها بدعوة رسول الله فلما كنت على الباب إذا الباب مُغلق ، فدفعت الباب فسمعت حسي فلبست ثيابها ، وجعلت على رأسها خماراً وقالت : ارفق يا أبا هريرة ففتحت لي ، فلما دخلت قالت : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله قال : فرجعت إلى رسول الله وأنا أبكي من الفرح ، كما كنت أبكي من الحزن وجعلت أقول : أبشر يا رسول الله ، قد استجاب الله دعوتك ، وهدى الله أمّ أبي هريرة إلى الإسلام . فقلت : ادع الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين ، ويحببهم إلينا ، قال : فقال رسول الله : (( اللهم حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين ، وحببهم إليهما )) فما على وجه الأرض مؤمن ولا مؤمنه إلا وهو يحبه وأمه . ]حديث صحيح : أخرجه مسلم [
50- رجل من أهل النار كما قال النبي المختــار
عن سهل بن سعد الساعدي – رضي الله عنه – أن رسول الله التقى هو والمشركون فاقتتلوا ، فلما مال رسول الله إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم ، وفي أصحاب رسول الله رجل لا يدع لهم شاذة إلا اتّبعها يضربها بسيفه ، فقالوا : ما أجزأ منا أحد كما أجزأ فلان ، فقال رسول الله (( أما إنه من أهل النار )) ، فقال رجل من القوم : أنا صاحبه أبداً ، قال : فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه ، قال : فجرح الرجل جرحاً شديداً فاستعجل الموت ، فوضع نصل سيفه بالأرض وذَبَابَهُ بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه ، فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله فقال : أشهد أنك رسول الله ، قـــال : (( وما ذاك ؟)) قال : الرجل الذي ذكرت آنفاً أنه من أهل النار ، فأعظم الناس ذلك ، فقلت : أنا لكم به ، فخرجت في طلبه حتى جُرح جرحاً شديداً فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه ، فقتل نفسه ، فقال رسول الله عند ذلك : (( إنّ الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة )) .
]حديث صحيح : أخرجه البخاري ومسلم [
51- صدق الله فصدقه
قال شداد بن الهاد : جاء رجل من الأعراب إلى النبي فآمن به واتبعـه فقال : أُهاجر معك ، فأوصى به بعض أصحابه فلما كانت غزوة خيبر ، غنم رسول الله شيئاً فَقَسَمه ، وقسم للأعرابي ، فأعطى لأصحابه ما قسم له ، وكان يرعى ظهرهم ، فلما جاء دفعوه إليه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا: قسم قسمه لك رسول الله ، فأخذه فجاء به إلى النبي فقال : ما على هذا اتبعتك ولكن اتبعتك على أن أُرمى ها هنا ، وأشار إلى حلقه بسهم ، فأموت فأدخل الجنة ، فقال : (( إن تصدق الله يصدقك )) ، ثم نهض إلى قتال العدو ، فأُتي به إلى النبي وهو مقتول ، فقال : (( أهو هو ؟ )) قالوا : نعم . قال : (( صدق الله فصدقه )) فكفّنه النبي في جُبته ، ثم قدمه فصلى عليه ، وكان من دعائه له : (( اللهم هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك قُتِل شهيداً وأنا عليه شهيد )) .
]حديث صحيح : أخرجه النسائي (4/60) والحاكم (3/596،595) والبيهقي في سننه (4/16،15) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/291).[
52- رُزقا عشرة أولاد ببركة دعاء النبي
لما تزوجت أم سليم أبا طلحة الأنصاري رُزقت بمولود محبوب ، كان أبوه يحبه حباً شديداً فمرض الطفل ، فمات وكان أبوه في عمله ، فلما رجع سأل عن ولده ، فقالت زوجته هو أَسكن ما كان ، ووضعت العشاء ، ثم تطيبت ولبست له خير لباس لها ، فقضى حاجته ، فلما كان آخر الليل قالت له : أبا طلحة أرأيت لو أنّ قوماً أعاروا قوماً عارية فسألوهم إياها أكان لهم أن يمنعوهم ؟ قال : لا ، قالت : فإن الله – عز وجل – كان أعارك ابنك عارية ، ثم قبضه إليه ، فاحتسب واصبر... فاسترجع ، وذهب إلى رسول الله صباحاً فأخبره ، فقال : (( بارك الله لكما في غابر ليلتكما )) فحملت ، ثم جيء بالمولود إلى النبي فأخذ النبي بعض التمر فَمضغهنّ ثم جمع بزاقه ، ثم فغر فاه ، وأوجره إليه ، فجعل يُحنّك الصبي ، وجعل الصبي يتلمظّ ، قالت : يا رسول الله سّمه ، فسماه عبد الله ، فما كان في المدينة شاب أفضل منه . وخرج منه رجل كثير واستشهد عبد الله بفارس .
وفي رواية رُزق أبو طلحة بعشرة أولاد كلهم يحفظون القرآن .
]صحيح : رواه مطولاً أبو داود الطيالسي رقم (2056)، ورواه البخاري (2/132-133) ومسلم (6/174-175) وأحمد وابن حبان والبيهقي [
53- إجابة النبي السائل قبل أن يسأله
عن وابصة الأسدي – رضي الله عنه – قال : أتيت رسول الله وأنا أُريد أن لا أدع شيئاً من البر والإثم إلا سألته عنه ، وحوله عصابة من المسلمين يستفتونه ، فجعلت أتخطاهم . فقالوا : إليك وابصة عن رسول الله فقلت دعوني فأدنو منه ، فإنه أحب الناس إليّ أن أدنو منه ، قال : (( دعوا وابصة ، ادن يا وابصة )) مرتين أو ثلاثاً . قال : فدنوت منه حتى قعدت بين يديه . فقال : (( يا وابصة أخبرك أم تسألني ؟ )) فقلت : لا ، بل أخبرني . فقال : (( جئت تسأل عن البر والإثم )) فقلت : نعم ، فجمع أنامله فجعل ينكت بهنّ في صدري ويقول : (( يا وابصة استفت قلبك واستفت نفسك ( ثلاث مرات ) البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في النفس وتردد في صدرك ، وإن أفتاك الناس وأفتوك )) .
]حديث صحيح : أخرجه أحمد (4/228).[
54- إخباره عن إسلام طلحة قبل أن يُسلم
لما مات زوج أم سليم – رضي الله عنها – جاءها أبو طلحة الأنصاري خاطباً فكلّمها في ذلك فقالت : يا أباطلحة ، ما مثُلك يُرد ، ولكنك امرؤ كافر ، وأنا امرأة مسلمة لا يصلح لي أن أتزوجك ..!
فقال : ما ذاك دهرك ( أي ما هذه عادتك ) ، قالت : وما دهري ؟ قال : الصفراء والبيضـا (أي الذهب والفضة ) قالت : فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء أُريد منك الإسلام فإن تسلم فذاك مهري ولا اسألك غيره ، قال : فمن لي بذلك ؟ قالت : لك بذلك رسول الله فانطلق أبو طلحة يُريد النبي ورسول الله جالس في أصحابه ، فلما رآه قال : (( جاءكم أبو طلحة غُرّة الإسلام بين عينيه )) فأخبر رسول الله ، بما قالت أم سليم ، فتزوجها على ذلك .
قال ثابت البُناني – راوي القصة عن أنس - : فما بلغنا أن مهراً كان أعظم منه أنها رضيت الإسلام مهراً .
]حديث صحيح : رواه أبو داود الطيالسي رقم (2056) ، والبخاري (6/106،105) ، ومسلم (6/174-175).[
55- إخبار السائل بسؤاله قبل أن يسأل
عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال : كنت جالساً عند نبي الله فجاءه رجلان أحدهما أنصاري ، والآخر ثقفي ، فابتدر المسألة للأنصاري ، فقال رسول الله : يا أخا ثقيف إنّ الأنصاري ، قد سبقك بالمسألة ، فقال الأنصاري : يا رسول الله ، فإني أبدأ به ، فقال : (( سل عن حاجتك ، وإن شئت أنبأتك بالذي جئت تسأل عنه )) قال : فذاك أعجب إليّ يا رسول الله ، قال : (( فإنك جئت تسأل عن صلاتك بالليل ، وعن ركوعك ، وعن سجودك ، وعن صيامك ، وعن غُسلك من الجنابة )) فقال : والذي بعثك بالحق إنّ ذلك الذي جئت أسألك ، قال : (( أما صلاتك بالليل ، فصلّ أول الليل وآخر الليل ، ونم وسطه )) قال : أفرأيت يا رسول الله إن صليت وسطه ؟ قال : (( فأنت إذاً إذّاً )) قال : (( وأما ركوعك فإذا أردت فاجعل كفيك على ركبتيك وافرك بين أصابعك ، ثم ارفع رأسك وانتصب قائماً حتى يرجع كل عظم إلى مكانه ، فإذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض ولا تنقر ، وأما صيامك فصم الليالي البيض – يوم ثلاثة عشر ، ويوم أربعة عشر ويوم خمسة عشر )) ثم أقبل الأنصاري فقال : (( يا أخا الأنصار اسأل عن حاجتك وإن شئت أنبأناك بالذي جئت تسأل عنه )) قال : فذاك أعجب إليّ يا رسول الله ، قال : (( فإنك جئت تسأل عن خروجك من بيتك تؤم البيت العتيق ، وتقول : ماذا لي فيه ؟ وعن وقوفك بعرفات وتقول ماذا لي فيه ؟ وعن حلقك رأسك وتقول : ماذا لي فيه ؟ وعن طوافك بالبيت وتقول : ماذا لي فيه ؟ وعن رميك الجمار ، وتقول : ماذا لي فيه ؟ ))
قال : إي والذي بعثك بالحق إنّ هذا الذي جئت أسأل عنه قال : (( أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام قال : فإنّ لك بكل موطأة تطأها راحلتك أن تكتب لك حسنة وتمحى عنك سيئة وإذا وقفت بعرفات فإنّ الله ينزل إلى السماء الدنيا فيقول للملائكة : هؤلاء عبادي جاءوني شُعثاً غبراً من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي ، وهم لم يروني فكيف لو رأوني ، فلو عليك مثل رمل عالج ذنوباً أو قطر السماء ، أو عدد أيام الدنيا غسلها عنك ، وأما رميك الجمار فإنّ ذلك مدخور لك عند ربك ، فإذا حلقت رأسك ، فإن لك بكل شعرة تسقط من رأسك أن تكتب لك حسنة ، وتُمحى عنك سيئة فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك ليس عليك منها شيء )) .
]حديث حسن : أخرجه أبو نعيم ، والبيهقي [.
56- برأ ببصاق النبي
عن يزيد بن أبي عبيد قال : رأيت أثر ضربة في ساق سلمة بن الأكوع فقلت : ما هذه الضربة ؟ قال : ضربة أصابتني يوم خيبر فقال الناس : أُصيب سلمة ، فأتيت رسول الله فنفث فيها ثلاث نفثات فما اشتكيت منها حتى الساعة . ]حديث صحيح : أخرجه البخاري [
57- برأ بمسح النبي رجله
عن البراء – رضي الله عنه – أنّ عبد الله بن عتيك لما قتل أبا رافع ونزل من درجة بيته سقط إلى الأرض فانكسر ساقه ، قال : فحدثت النبي فقال : (( ابسط رجلك )) فبسطتها ، فمسحها فكأنما لم أشكها قط . ]حديث صحيح : أخرجه البخاري [
58- وقوع ما أخبر به لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – أن رسول الله قال له : (( لعلك تُخلف ( أي تعيش ) حتى ينتفع بك أقوام ويستضر بك آخرون )) وذلك أن سعداً مرض بمكة ، وكان يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها ، واشتد مرضه حتى أشفى على الموت فأتاه رسول الله يعوده ولم يكن لسعد إلا بنت ، فقال : يا رسول الله أوصي بمالي كله ؟ قال : (( لا )) قال : فالشطر : قال : (( لا )) قال : فالثلث ، قال : (( الثلث والثلث كثير )) ثم قال له : (( لعلك تُخلف حتى ينتفع بك أقوام ويستضر بك آخرون )) فشفاه الله من ذلك المرض وفتح الله العراق على يديه ، وهدى الله به أناساًَ . أسلموا على يديه وغنموا معه ، وأضر الله به أناساً من الكفار جاهدهم وقتل منهم وسبى ، وكانت المدة التي عاشها بعد ذلك المرض خمسين سنة تقريباً .
]حديث صحيح : رواه الشيخان [. قال النووي : هذا الحديث من المعجزات وقد تحقق ما أخبر به النبي .
59- إخباره عن استشهاد القواد الثلاثة
عن أنس – رضي الله عنه – أن رسول الله بعث زيداً وجعفراً وابن رواحة ، ودفع الراية إلى زيد فأصيبوا جميعاً ، فنعاهم رسول الله إلى الناس قبل أن يجيء الخبر ، فقال : (( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها ابن رواحة فأصيب ، ثم أخذها سيف من سيوف الله ، ففتح الله له ))
]حديث صحيح : أخرجة البخاري في المغازي [
وعن ابن عمر- رضي الله عنهما – قال : أمّر رسول الله في غزوة مؤته زيد بن حارثة وقال : (( أن قُتل زيد فجعفر ، وإن قُتل جعفر فابن رواحة )).
]حديث صحيح : أخرجه البخاري [
60- إخباره بموت النجاشي ملك ا لحبشة
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : نعى رسول الله النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المُصلى فصفّ بهم ، وكبّر أربع تكبيرات .
]حديث صحيح : أخرجه الشيخان [
61- إخباره عن رسالة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه
عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه وكرّم الله وجهه – قال : بعثني رسول الله أنا والزبير والمقداد ، فقال : (( انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها )) قال : فانطلقنا تتعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة ، قلنا لها : أخرجي الكتاب ، قالت : ما معي كتاب ، فقلنا : لتُخرجنّ الكتاب أو لتُلقينّ الثياب ؟ قال : فأخرجته من عقاصها (أي لفافة مربوطة خلف رأسها ) فأتينا به رسول الله فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين ، يخبرهم ببعض أمر رسول الله فقال رسول الله : (( يا حاطب ما هــذا ؟ )) قال : يا رسول الله لا تعجل عليّ ، إني كنت امرأ مُلصقاً في قريش يقول : كنت حليفاً ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهلهم وأموالهم ، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم ، أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي ، ولم أفعله ارتداداً عن ديني ، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ، فقال رسول الله (( أما إنه قد صدقكم )) . فقال عمر : يا رسول الله ! دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال : (( إنه شهد بدراً ، وما يُدريك لعل الله اطّلع على من شهد بدراً ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم )) فأنزل الله السورة : { يا أُيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدويّ وعدّّوكم أولياء تُلقُون إليهم بالمودة } إلى قوله : { فقد ضلّ سواء السبيل } ] سورة الممتحنة [.
62- إخباره عن أول أهله لحوقا به
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : أقبلت فاطمة – رضي الله عنها – تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله فقال النبي : (( مرحباً بابنتي )) ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثاً فبكت ، فقلت :استخصك رسول الله بحديث لِمَ تبكين ؟ ثم أسرّ إليها حديثاً فضحكت ، فقلت : ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن ؟ فسألتها عمّا قال لها ، فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله حتى إذا قُبض سألتها فقالت : إنه أسرّ إليّ (( أن جبريل عليه السلام كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة ، وإنه عارضني به العام مرتين ، ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحوقاً بي ، ونعم السلف أنا لك )) فبكيت لذلك ، ثم قال : (( ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين ؟ )) فضحكت .
ولا جدال أنها كانت أول أهله لحوقاً به واختلف في مدة مكثها بعده فقيــل : مكثت شهرين ، وقيل : ثلاثة أشهر ، وقيل ستة أشهر وقيل : ثمانية أشهر وأصح الروايات : أنها ستة أشهر .
63- ثبوت جرير على الفرس بعد أن كان لا يثبت
عن جرير البجلي – رضي الله عنه – قال : كنت لا أثبت على الخيل ، فذكرت ذلك لرسول الله فضرب بيده على صدري حتى رأيت أثر يده على صدري ، وقـال : (( اللهم ثبّته واجعله هادياً مهدياً )) فما سقطت عن فرسي بعد . ]الحديث رواه أبو نعيم [
وأخرجه الشيخان عنه بلفظ : قال لي رسول الله : (( ألا تريحني من ذي الخَلَصة )) – صنم – فقلت : يا رسول الله ، لا أثبت على الخيل ، فضرب في صدري وقـــال : (( اللهم ثبّته واجعله هادياً مهدياً )) فسرت إليها في مائة وخمسين فارساً من أحمس فأتيناها فحرقناها . ]أخرجه الشيخان [
64- ذهاب الغيرة من قلب أم سلمة
عن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت : خطبني النبي ما مثلي يُنكح : أما أنا فلا ولد فيّ ( أي بلغت سن اليأس ) وأنا غيور وذات عيال ، فقال : (( أنا أكبر منك ، وأما الغيرة فيذهبها الله ، وأما العيال فإلى الله ورسوله )) ، فتزوجني .
قال الراوي : فكانت في النساء كأنها ليست منهن لا تجد ما يجدن من الغيرة .
ثبت أنه دعا للسائب بن يزيد ومسح بيده على رأسه ، فطال عمره حتى بلغ أربعاً وتسعين سنة ، وهو تام القامة معتدل ، ولم يشب منه موضع أصابت يد رسول الله ومًتع بحواسه وقواه . ]حديث صحيح : أخرجه البخاري في المناقب ، ومسلم في الفضائل [
40- كان إذا باع شيئاً ربح فيه بسبب دعاء النبي r له
صاحب هذه الشهادة عروة بن أبي الجعد المازني – رضي الله عنه – أعطاه رسول الله ديناراً ليشتري له به شاة فاشترى به شاتين وباع إحداهما بدينار ، وأتاه بشاة ودينار ، فقال له : (( بارك الله لك في صفقة يمينك )) .
وفي رواية : فدعا له بالبركة في البيع ، فكان لو اشترى التراب لربح فيه .
]أخرجه البيهقي في الدلائل (6/220) ، قال ابن كثير : وثبت في الحديث ، البداية (6/185)[
41- دعا له بالبركة فزاد ماله
عن أبي عقيل أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام إلى السوق ، فيشتري الطعام ، فيلقاه ابن الزبير وابن عمر فيقولان : أشركنا في بيعك فإن رسول الله قد دعا لك بالبركة فيشركهم ، فربما أصاب الراحلة كما هي فبعث بها إلى المنزل . ]حديث صحيح : أخرجه البخاري في الدعوات [
42- لم يدفن في الأرض
عن أنس – رضي الله عنه – أنّ رجلاً كان يكتب للنبي وكان قد قرأ البقرة وآل عمراه وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران عز فينا – يعني عظم – فكان رسول الله يُملي عليه غفوراً رحيماً ، فيكتب عليماً حكيماً ، فيقول له النبي : (( اكتب كذا وكذا )) فيقــول : أكتب كيف شئت ، ويُملي عليه : عليماً حكيماً ، فيكتب : سميعاً بصيراً ، فيقول له النبي : (( اكتب كذا وكذا )) فيقول : اكتب كيف شئت .
قال : فارتد ذلك الرجل عن الإسلام فلحق بالمشركين وقال : أنا أعلمكم بمحمد ، وإني كنت لا أكتب إلا ما شئت فمات ذلك الرجل ، فقال النبي : (( إن الأرض لا تقبله )) .
قال أنس : فحدثني أبو طلحة أنه أتى الأرض التي مات فيها ذلك الرجل فوجده منبوذاً ، فقال أبو طلحة : ما شأن هذا الرجل ؟ قالوا : قد دفناه مراراً فلم تقبله الأرض .
]حديث صحيح : أخرجه أحمد ( 3/120-121) ورواه البخاري في كتاب المناقب باب علامات النبوة رقــم ( 3617) بلفظ آخر وقال ابن كثير عن رواية أحمد : صحيح على شرط الشيخين [.
43- لا يشبع أبداً
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : كنت ألعب مع الغلمان فجاء رسول الله فاختبأت منه ، فجاءني فحطاني حطوة ( أي ضربه بيده وهي مبسوطة الكفين ) أو حطوتين وأرسلني إلى معاوية في حاجة ، فأتيته وهو يأكل فقلت : أتيته وهو يأكل ، فأرسلني الثانية فأتيته وهو يأكل فقلت : أتيته وهو يأكل . فقال : (( لا أشبع الله بطنه )) . فما شبع بعدها .
]رواه البيهقي في الدلائل ( 6/243) [.
قال ابن كثير : وقد كان معاوية – رضي الله عنه – لا يشبع بعدها ، ووافقته هذه الدعوة في أيام إمارته فيقال : إنه كان يأكل في اليوم سبع مرات طعاماً بلحم وكان يقول : والله لا أشبع وإنما أعيى . ]ابن كثير : البداية والنهاية ( 6/189) [
قلت : وهذا الأمر جاء لمعاوية على أنه استجابة لدعاء النبي وابتلاء من الله تعالى لمعاوية ، ولم يكن غاضباً ولا سخطاً من الرسول على معاوية رضي الله عنه .
44- تفل النبي في يد الصحابي فاجتمعت وبرأت
عن خبيب بن أساف – رضي الله عنه – قال : أتيت رسول الله أنا ورجل من قومي في بعض مغازيه فقلنا : إنا نشتهي أن نشهد معك مشهداً ، قال : (( أسلمتم ؟ )) قلنا : لا ، قال : (( فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين )) ، قال : فأسلمنا ، وشهدت مع رسول الله فأصابتني ضربة على عاتقي فجافتني ، فتعلقت يدي ، فأتيت رسول الله فتفل فيها وألزقها ، فالتأمت وبرأت ، وقتلت الذي ضربني ، ثم تزوجت ابنة الذي قتلته وضربني ، فكانت تقول : لا عدمت رجلاً وشّحك هذا الوشاح ، فأقول : لا عدمتِ رجلاً أعجل أباك إلى النار .
]حديث حسن : أخرجه البيهقي في الدلائل ( 6/178) ورواه الإمام أحمد (3/454) ، ونقله في الإصابة ( 1/418) [
45- ابن عباس حبر الأمة بسبب الدعاء النبوي
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : أتى رسول الله الخلاء فوضع له وضوءاً ، فلما خرج قال : (( من صنع هذا ؟ )) قالوا : ابن عباس ، قال : (( اللهمّ فقهه في الدين )) .]حديث صحيح : أخرجه البخاري ، ومسلم [
وعنه قال : إنّ رسول الله وضع يده على كتفي ثم قال : (( اللهم فقهه في الدين وعلّمه التأويل )) .
]حديث صحيح : أخرجه الحاكم (3/534) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، وقال الذهبي صحيح ، ورواه البيهقي في الدلائل (6/192) [.
وقد استجاب الله لرسوله هذه الدعوة في ابن عمه ، فكان إماماً يُهتدى بهداه ، ويُقتدى بسناه في علوم الشريعة ، ولا سيما في علم التأويل وهو التفسير ، فإنه انتهت إليه علوم الصحابة قبله ، وما كان عقله من كلام ابن عمه رسول الله ، قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - : لو أنّ ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره أحد منا وكان يقول : نعم ترجمان القرآن ابن عباس . ]رواه الحاكم في المستدرك ( 3/537) [
هذا وقد تأخرت وفاة ابن عباس عن وفاة عبد الله بن مسعود ببضع وثلاثين سنة ، فما ظنك بما حصله بعده في هذه المدة وقيل : خطب الناس ابن عباس في عشية عرفة ، ففسّر لهم سورة البقرة ففسرها تفسيراً لو سمعه الروم والترك والديلم لأسلموا – رضي الله عنه وأرضاه - .
46- أخبر بهزيمة المشركين في حُنين فانهزموا
عن العباس بن عبد المطلب – رضي الله عنه – قال : شهدت مع رسول الله يوم حُنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله لم نفارقه ، ورسول الله على بغلة له بيضاء ، فلمّا التقى المسلمون والمشركون ولّى المسلمون مُدبرين ، فطفِق رسول الله يركض بغلته قِبل الكفار ، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله أكفها إرادة أن لا تسرع ، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله .
فقال رسول الله : (( أي عباس ناد أصحاب السمرة )) قال العباس وكان رجلاً صيّتاً ، فقلت بأعلى صوتي : أين السمرة ؟ فو الله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ، فقالوا : يا لبيك يا لبيك ، فاقتتلوا هم والكفار ، والدعوة في الأنصار يقولون : يا معشر الأنصار ، يا معشر الأنصار ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج ، فنظر رسول الله وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال : (( هذا حين حمي الوطيس )) ثم أخذ رسول الله حصيات فرمى بهنّ وجوه الكفار ، ثم قال : (( انهزموا وربّ محمد )) ، فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى ، فو الله ما هو إلا أن رماهم بحصياته ، فما زلت أرى حدهم ( أي بأسهم ) كليلاً وأمرهم مُدبراً .
]حديث صحيح : رواه مسلم في غزوة حُنين [
47- دعا له بالشهادة فمات شهيداً
عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال : خرجنا مع رسول الله في غزوة بني أنمار.. فبينما أنا نازل تحت شجرة إذا رسول الله فقلت : يا رسول الله هلم إلى الظل قال : فنزل رسول الله فقمت إلى غرارة (إي شبه العدل ، وجمعها غرائر ) لنا ... إلى أن قال : وعندنا صاحب لنا نُجهّزه يذهب يرعى ظهرنا ( إي دوابنا) قال : فجهزته ، ثم أدبر يذهب في الظهر وعليه بُردان له قد خلقا ( أي بليا ) قال : فنظر رسول الله إليه فقال : (( أما له ثوبان غير هذين ؟)) فقلت : بلى يارسول الله له ثوبان في العيبة ( أي مستودع الثياب ) كسوته إياهما قــــال : (( فادعه فَمره فليلبسهما )) قال : فدعوته فَلبَسهما ثم ولى يذهب قال : فقال رسول الله: (( ماله ضرب الله عنقه ( أي قال الباجي : هي كلمة تقولها العرب عند إنكار الأمر ) أليس هذا خيراً له ؟ )) قال : فسمعه الرجل فقال : يارسول الله ، في سبيل الله ، فقال رسول الله : (( في سبيل الله )) قال : فَقُتل الرجل في سبيل الله .
]أخرجه مالك في الموطأ كتاب اللباس ( 2/694) ورواه البيهقي في الدلائل ( 6/244) [.
48- حضور الطعام الطهي بدعاء النبي
عن واثلة بن الأسقع- رضي الله عنه – حضر رمضان ونحن في أهل الصفة فصمنا فكنا إذا أفطرنا أتى كل رجل منا رجل من أهل البيعة فانطلق به فعشّاه ، فأتت علينا ليلة لم يأتنا أحد وأصبحنا صياماً ، وأتت علينا القابلة فلم يأتنا أحد ، فانطلقنا إلى رسول الله فأخبرناه بالذي كان من أمرنا فأرسل إلى كل امرأة من نسائه يسألها هل عندها شيء؟ فما بقيت منهن امرأة إلا أرسلت تُقسم : ما أمسى في بيتها ما يأكل ذو كبد ، فقال لهم رسول الله: (( فاجتمعوا )) فدعا وقال : (( اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك فإنها بيدك لا يملكها أحد غيرك )) فلم يكن إلا ومستأذن يستأذن فإذا بشاة مصلية ورغف ، فأمر بها رسول الله فوضعت بين أيدينا ، فأكلنا حتى شبعنا ، فقال لنا رسول الله: (( إنا سألنا الله من فضله ورحمته ، فهذا فضله ، وقد ادّخر لنا عنده رحمته )) .
]حديث حسن : اخرجه البيهقي في الدلائل (6/129) ورواه الطبراني وإسناده حسن [.
49- إسلام أم أبي هريرة بدعاء الرسول
عن أبي كثير الغُبري قال : قال أبو هريرة – رضي الله عنه - : ما على وجه الأرض مؤمن ولا مؤمنة إلا وهو يحبني ، قال : قلت : وما علمك بذلك يا أبا هريرة ؟ قال : إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام ، فتأبى ، وإني دعوتها ذات يوم فأسمعتني في رسول الله ما أكره ، فجئت رسول الله فقلت : يا رسول الله ، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى عليّ ، وأنا دعوتها فأسمعتني فيك ما أكره ، فادع الله يا رسول الله أن يهدي أم أبي هريرة إلى الإسلام ، فدعا لها رسول الله فرجعت إلى أمي أبشّرها بدعوة رسول الله فلما كنت على الباب إذا الباب مُغلق ، فدفعت الباب فسمعت حسي فلبست ثيابها ، وجعلت على رأسها خماراً وقالت : ارفق يا أبا هريرة ففتحت لي ، فلما دخلت قالت : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله قال : فرجعت إلى رسول الله وأنا أبكي من الفرح ، كما كنت أبكي من الحزن وجعلت أقول : أبشر يا رسول الله ، قد استجاب الله دعوتك ، وهدى الله أمّ أبي هريرة إلى الإسلام . فقلت : ادع الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين ، ويحببهم إلينا ، قال : فقال رسول الله : (( اللهم حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين ، وحببهم إليهما )) فما على وجه الأرض مؤمن ولا مؤمنه إلا وهو يحبه وأمه . ]حديث صحيح : أخرجه مسلم [
50- رجل من أهل النار كما قال النبي المختــار
عن سهل بن سعد الساعدي – رضي الله عنه – أن رسول الله التقى هو والمشركون فاقتتلوا ، فلما مال رسول الله إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم ، وفي أصحاب رسول الله رجل لا يدع لهم شاذة إلا اتّبعها يضربها بسيفه ، فقالوا : ما أجزأ منا أحد كما أجزأ فلان ، فقال رسول الله (( أما إنه من أهل النار )) ، فقال رجل من القوم : أنا صاحبه أبداً ، قال : فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه ، قال : فجرح الرجل جرحاً شديداً فاستعجل الموت ، فوضع نصل سيفه بالأرض وذَبَابَهُ بين ثدييه ، ثم تحامل على سيفه ، فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله فقال : أشهد أنك رسول الله ، قـــال : (( وما ذاك ؟)) قال : الرجل الذي ذكرت آنفاً أنه من أهل النار ، فأعظم الناس ذلك ، فقلت : أنا لكم به ، فخرجت في طلبه حتى جُرح جرحاً شديداً فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه ، فقتل نفسه ، فقال رسول الله عند ذلك : (( إنّ الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة )) .
]حديث صحيح : أخرجه البخاري ومسلم [
51- صدق الله فصدقه
قال شداد بن الهاد : جاء رجل من الأعراب إلى النبي فآمن به واتبعـه فقال : أُهاجر معك ، فأوصى به بعض أصحابه فلما كانت غزوة خيبر ، غنم رسول الله شيئاً فَقَسَمه ، وقسم للأعرابي ، فأعطى لأصحابه ما قسم له ، وكان يرعى ظهرهم ، فلما جاء دفعوه إليه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا: قسم قسمه لك رسول الله ، فأخذه فجاء به إلى النبي فقال : ما على هذا اتبعتك ولكن اتبعتك على أن أُرمى ها هنا ، وأشار إلى حلقه بسهم ، فأموت فأدخل الجنة ، فقال : (( إن تصدق الله يصدقك )) ، ثم نهض إلى قتال العدو ، فأُتي به إلى النبي وهو مقتول ، فقال : (( أهو هو ؟ )) قالوا : نعم . قال : (( صدق الله فصدقه )) فكفّنه النبي في جُبته ، ثم قدمه فصلى عليه ، وكان من دعائه له : (( اللهم هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك قُتِل شهيداً وأنا عليه شهيد )) .
]حديث صحيح : أخرجه النسائي (4/60) والحاكم (3/596،595) والبيهقي في سننه (4/16،15) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/291).[
52- رُزقا عشرة أولاد ببركة دعاء النبي
لما تزوجت أم سليم أبا طلحة الأنصاري رُزقت بمولود محبوب ، كان أبوه يحبه حباً شديداً فمرض الطفل ، فمات وكان أبوه في عمله ، فلما رجع سأل عن ولده ، فقالت زوجته هو أَسكن ما كان ، ووضعت العشاء ، ثم تطيبت ولبست له خير لباس لها ، فقضى حاجته ، فلما كان آخر الليل قالت له : أبا طلحة أرأيت لو أنّ قوماً أعاروا قوماً عارية فسألوهم إياها أكان لهم أن يمنعوهم ؟ قال : لا ، قالت : فإن الله – عز وجل – كان أعارك ابنك عارية ، ثم قبضه إليه ، فاحتسب واصبر... فاسترجع ، وذهب إلى رسول الله صباحاً فأخبره ، فقال : (( بارك الله لكما في غابر ليلتكما )) فحملت ، ثم جيء بالمولود إلى النبي فأخذ النبي بعض التمر فَمضغهنّ ثم جمع بزاقه ، ثم فغر فاه ، وأوجره إليه ، فجعل يُحنّك الصبي ، وجعل الصبي يتلمظّ ، قالت : يا رسول الله سّمه ، فسماه عبد الله ، فما كان في المدينة شاب أفضل منه . وخرج منه رجل كثير واستشهد عبد الله بفارس .
وفي رواية رُزق أبو طلحة بعشرة أولاد كلهم يحفظون القرآن .
]صحيح : رواه مطولاً أبو داود الطيالسي رقم (2056)، ورواه البخاري (2/132-133) ومسلم (6/174-175) وأحمد وابن حبان والبيهقي [
53- إجابة النبي السائل قبل أن يسأله
عن وابصة الأسدي – رضي الله عنه – قال : أتيت رسول الله وأنا أُريد أن لا أدع شيئاً من البر والإثم إلا سألته عنه ، وحوله عصابة من المسلمين يستفتونه ، فجعلت أتخطاهم . فقالوا : إليك وابصة عن رسول الله فقلت دعوني فأدنو منه ، فإنه أحب الناس إليّ أن أدنو منه ، قال : (( دعوا وابصة ، ادن يا وابصة )) مرتين أو ثلاثاً . قال : فدنوت منه حتى قعدت بين يديه . فقال : (( يا وابصة أخبرك أم تسألني ؟ )) فقلت : لا ، بل أخبرني . فقال : (( جئت تسأل عن البر والإثم )) فقلت : نعم ، فجمع أنامله فجعل ينكت بهنّ في صدري ويقول : (( يا وابصة استفت قلبك واستفت نفسك ( ثلاث مرات ) البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في النفس وتردد في صدرك ، وإن أفتاك الناس وأفتوك )) .
]حديث صحيح : أخرجه أحمد (4/228).[
54- إخباره عن إسلام طلحة قبل أن يُسلم
لما مات زوج أم سليم – رضي الله عنها – جاءها أبو طلحة الأنصاري خاطباً فكلّمها في ذلك فقالت : يا أباطلحة ، ما مثُلك يُرد ، ولكنك امرؤ كافر ، وأنا امرأة مسلمة لا يصلح لي أن أتزوجك ..!
فقال : ما ذاك دهرك ( أي ما هذه عادتك ) ، قالت : وما دهري ؟ قال : الصفراء والبيضـا (أي الذهب والفضة ) قالت : فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء أُريد منك الإسلام فإن تسلم فذاك مهري ولا اسألك غيره ، قال : فمن لي بذلك ؟ قالت : لك بذلك رسول الله فانطلق أبو طلحة يُريد النبي ورسول الله جالس في أصحابه ، فلما رآه قال : (( جاءكم أبو طلحة غُرّة الإسلام بين عينيه )) فأخبر رسول الله ، بما قالت أم سليم ، فتزوجها على ذلك .
قال ثابت البُناني – راوي القصة عن أنس - : فما بلغنا أن مهراً كان أعظم منه أنها رضيت الإسلام مهراً .
]حديث صحيح : رواه أبو داود الطيالسي رقم (2056) ، والبخاري (6/106،105) ، ومسلم (6/174-175).[
55- إخبار السائل بسؤاله قبل أن يسأل
عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال : كنت جالساً عند نبي الله فجاءه رجلان أحدهما أنصاري ، والآخر ثقفي ، فابتدر المسألة للأنصاري ، فقال رسول الله : يا أخا ثقيف إنّ الأنصاري ، قد سبقك بالمسألة ، فقال الأنصاري : يا رسول الله ، فإني أبدأ به ، فقال : (( سل عن حاجتك ، وإن شئت أنبأتك بالذي جئت تسأل عنه )) قال : فذاك أعجب إليّ يا رسول الله ، قال : (( فإنك جئت تسأل عن صلاتك بالليل ، وعن ركوعك ، وعن سجودك ، وعن صيامك ، وعن غُسلك من الجنابة )) فقال : والذي بعثك بالحق إنّ ذلك الذي جئت أسألك ، قال : (( أما صلاتك بالليل ، فصلّ أول الليل وآخر الليل ، ونم وسطه )) قال : أفرأيت يا رسول الله إن صليت وسطه ؟ قال : (( فأنت إذاً إذّاً )) قال : (( وأما ركوعك فإذا أردت فاجعل كفيك على ركبتيك وافرك بين أصابعك ، ثم ارفع رأسك وانتصب قائماً حتى يرجع كل عظم إلى مكانه ، فإذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض ولا تنقر ، وأما صيامك فصم الليالي البيض – يوم ثلاثة عشر ، ويوم أربعة عشر ويوم خمسة عشر )) ثم أقبل الأنصاري فقال : (( يا أخا الأنصار اسأل عن حاجتك وإن شئت أنبأناك بالذي جئت تسأل عنه )) قال : فذاك أعجب إليّ يا رسول الله ، قال : (( فإنك جئت تسأل عن خروجك من بيتك تؤم البيت العتيق ، وتقول : ماذا لي فيه ؟ وعن وقوفك بعرفات وتقول ماذا لي فيه ؟ وعن حلقك رأسك وتقول : ماذا لي فيه ؟ وعن طوافك بالبيت وتقول : ماذا لي فيه ؟ وعن رميك الجمار ، وتقول : ماذا لي فيه ؟ ))
قال : إي والذي بعثك بالحق إنّ هذا الذي جئت أسأل عنه قال : (( أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام قال : فإنّ لك بكل موطأة تطأها راحلتك أن تكتب لك حسنة وتمحى عنك سيئة وإذا وقفت بعرفات فإنّ الله ينزل إلى السماء الدنيا فيقول للملائكة : هؤلاء عبادي جاءوني شُعثاً غبراً من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي ، وهم لم يروني فكيف لو رأوني ، فلو عليك مثل رمل عالج ذنوباً أو قطر السماء ، أو عدد أيام الدنيا غسلها عنك ، وأما رميك الجمار فإنّ ذلك مدخور لك عند ربك ، فإذا حلقت رأسك ، فإن لك بكل شعرة تسقط من رأسك أن تكتب لك حسنة ، وتُمحى عنك سيئة فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك ليس عليك منها شيء )) .
]حديث حسن : أخرجه أبو نعيم ، والبيهقي [.
56- برأ ببصاق النبي
عن يزيد بن أبي عبيد قال : رأيت أثر ضربة في ساق سلمة بن الأكوع فقلت : ما هذه الضربة ؟ قال : ضربة أصابتني يوم خيبر فقال الناس : أُصيب سلمة ، فأتيت رسول الله فنفث فيها ثلاث نفثات فما اشتكيت منها حتى الساعة . ]حديث صحيح : أخرجه البخاري [
57- برأ بمسح النبي رجله
عن البراء – رضي الله عنه – أنّ عبد الله بن عتيك لما قتل أبا رافع ونزل من درجة بيته سقط إلى الأرض فانكسر ساقه ، قال : فحدثت النبي فقال : (( ابسط رجلك )) فبسطتها ، فمسحها فكأنما لم أشكها قط . ]حديث صحيح : أخرجه البخاري [
58- وقوع ما أخبر به لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – أن رسول الله قال له : (( لعلك تُخلف ( أي تعيش ) حتى ينتفع بك أقوام ويستضر بك آخرون )) وذلك أن سعداً مرض بمكة ، وكان يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها ، واشتد مرضه حتى أشفى على الموت فأتاه رسول الله يعوده ولم يكن لسعد إلا بنت ، فقال : يا رسول الله أوصي بمالي كله ؟ قال : (( لا )) قال : فالشطر : قال : (( لا )) قال : فالثلث ، قال : (( الثلث والثلث كثير )) ثم قال له : (( لعلك تُخلف حتى ينتفع بك أقوام ويستضر بك آخرون )) فشفاه الله من ذلك المرض وفتح الله العراق على يديه ، وهدى الله به أناساًَ . أسلموا على يديه وغنموا معه ، وأضر الله به أناساً من الكفار جاهدهم وقتل منهم وسبى ، وكانت المدة التي عاشها بعد ذلك المرض خمسين سنة تقريباً .
]حديث صحيح : رواه الشيخان [. قال النووي : هذا الحديث من المعجزات وقد تحقق ما أخبر به النبي .
59- إخباره عن استشهاد القواد الثلاثة
عن أنس – رضي الله عنه – أن رسول الله بعث زيداً وجعفراً وابن رواحة ، ودفع الراية إلى زيد فأصيبوا جميعاً ، فنعاهم رسول الله إلى الناس قبل أن يجيء الخبر ، فقال : (( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها ابن رواحة فأصيب ، ثم أخذها سيف من سيوف الله ، ففتح الله له ))
]حديث صحيح : أخرجة البخاري في المغازي [
وعن ابن عمر- رضي الله عنهما – قال : أمّر رسول الله في غزوة مؤته زيد بن حارثة وقال : (( أن قُتل زيد فجعفر ، وإن قُتل جعفر فابن رواحة )).
]حديث صحيح : أخرجه البخاري [
60- إخباره بموت النجاشي ملك ا لحبشة
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : نعى رسول الله النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المُصلى فصفّ بهم ، وكبّر أربع تكبيرات .
]حديث صحيح : أخرجه الشيخان [
61- إخباره عن رسالة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه
عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه وكرّم الله وجهه – قال : بعثني رسول الله أنا والزبير والمقداد ، فقال : (( انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها )) قال : فانطلقنا تتعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة ، قلنا لها : أخرجي الكتاب ، قالت : ما معي كتاب ، فقلنا : لتُخرجنّ الكتاب أو لتُلقينّ الثياب ؟ قال : فأخرجته من عقاصها (أي لفافة مربوطة خلف رأسها ) فأتينا به رسول الله فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين ، يخبرهم ببعض أمر رسول الله فقال رسول الله : (( يا حاطب ما هــذا ؟ )) قال : يا رسول الله لا تعجل عليّ ، إني كنت امرأ مُلصقاً في قريش يقول : كنت حليفاً ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهلهم وأموالهم ، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم ، أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي ، ولم أفعله ارتداداً عن ديني ، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ، فقال رسول الله (( أما إنه قد صدقكم )) . فقال عمر : يا رسول الله ! دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال : (( إنه شهد بدراً ، وما يُدريك لعل الله اطّلع على من شهد بدراً ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم )) فأنزل الله السورة : { يا أُيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدويّ وعدّّوكم أولياء تُلقُون إليهم بالمودة } إلى قوله : { فقد ضلّ سواء السبيل } ] سورة الممتحنة [.
62- إخباره عن أول أهله لحوقا به
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : أقبلت فاطمة – رضي الله عنها – تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله فقال النبي : (( مرحباً بابنتي )) ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثاً فبكت ، فقلت :استخصك رسول الله بحديث لِمَ تبكين ؟ ثم أسرّ إليها حديثاً فضحكت ، فقلت : ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن ؟ فسألتها عمّا قال لها ، فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله حتى إذا قُبض سألتها فقالت : إنه أسرّ إليّ (( أن جبريل عليه السلام كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة ، وإنه عارضني به العام مرتين ، ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحوقاً بي ، ونعم السلف أنا لك )) فبكيت لذلك ، ثم قال : (( ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين ؟ )) فضحكت .
ولا جدال أنها كانت أول أهله لحوقاً به واختلف في مدة مكثها بعده فقيــل : مكثت شهرين ، وقيل : ثلاثة أشهر ، وقيل ستة أشهر وقيل : ثمانية أشهر وأصح الروايات : أنها ستة أشهر .
63- ثبوت جرير على الفرس بعد أن كان لا يثبت
عن جرير البجلي – رضي الله عنه – قال : كنت لا أثبت على الخيل ، فذكرت ذلك لرسول الله فضرب بيده على صدري حتى رأيت أثر يده على صدري ، وقـال : (( اللهم ثبّته واجعله هادياً مهدياً )) فما سقطت عن فرسي بعد . ]الحديث رواه أبو نعيم [
وأخرجه الشيخان عنه بلفظ : قال لي رسول الله : (( ألا تريحني من ذي الخَلَصة )) – صنم – فقلت : يا رسول الله ، لا أثبت على الخيل ، فضرب في صدري وقـــال : (( اللهم ثبّته واجعله هادياً مهدياً )) فسرت إليها في مائة وخمسين فارساً من أحمس فأتيناها فحرقناها . ]أخرجه الشيخان [
64- ذهاب الغيرة من قلب أم سلمة
عن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت : خطبني النبي ما مثلي يُنكح : أما أنا فلا ولد فيّ ( أي بلغت سن اليأس ) وأنا غيور وذات عيال ، فقال : (( أنا أكبر منك ، وأما الغيرة فيذهبها الله ، وأما العيال فإلى الله ورسوله )) ، فتزوجني .
قال الراوي : فكانت في النساء كأنها ليست منهن لا تجد ما يجدن من الغيرة .