الحلقة الثالثة :
المرآة
في الثامنة مساءًا وكعادتها يوميًا دخلت سارة على الشبكة العنكبوتية، وكالعادة أيضًا
بدأت بالدخول إلى بريدها الإلكتروني، فإذا بها تفاجأ برسالة من حازم ...!!
فتحتها وانطلقت في القراءة ولكنها توقفت عند السطر الثالث ونظرت لأعلى الرسالة حتى
... تتأكد من أنها موجهة لها فعلا ولما تأكدت أعادت القراءة من البداية وهي في ذهول تام ولم
تتوقف هذه المرة إلا عند توقيع حازم بنهاية الرسالة ، وبعد أن فرغت من قراءتها دمعت عيناها
حيث شعرت بصدق ما جاء فيها، حتى أنها أعادت قراءتها أربع أو خمس مرات قبل أن تتوجه
إلى والدتها وهي مذهولة تمامًا لتحكي لها كل ما حدث حيث أنها لا تخفي عنها شيئًا.
ذهبت وأحضرت معها أمها إلى غرفتها وأطلعتها على الرسالة، قرأت الأم رسالة حازم ، ورغم
اعتراضها الخفي على أسلوب الكلام إلا أنها فرحت كثيرًا بها ، حيث رأت بخبرتها ذكاء وطيبة
من يكتب مثل هذا الكلام وبهذه الطريقة، ولكنها لم تصرح بأي شيء من ذلك كي لا تؤثر على
سارة ، ولتترك لها الحرية الكاملة في التقرير والاختيار، كل ما قالته أنها تتوسم في حازم خيرًا
ونصحتها بالاستخارة والتفكير.
خرجت الأم من الغرفة واستلقت سارة مسترخية على سريرها تنظر إلى السقف ، سارحة
مشتتة التفكير عاجزة عن التركيز في شيء محدد إلا موضوع الرسالة ، وبين الحين والآخر
تفتح الرسالة وتقرأها وتقول لنفسها ... هل أحلم ؟ أم أنني محظوظة ؟ أم أن هناك خطأ ما ؟
ثم أخيرًا قامت متوجهة إلى شرفتها ونظرت إلى النيل الذي تعشق منظره ساعة الغروب ولكنها كانت تراه في هذا اليوم أجمل كثيرًا من ذي قبل ( لماذا يا ترى ؟!! )
وأتى الليل ونامت لكن بعد صراع مع النوم امتد حتى الثالثة صباحًا ورغم ذلك فقد استيقظت
بعدها بساعة ونصف عند آذان الفجر لتصلي ودعت في صلاتها إلى الله أن يلهمها القرار
الصائب وما فيه الخير لها ولحازم .. ثم قامت واتجهت إلى المرآة ، ووقفت أمامها طويلا وقالت
في نفسها عندما قرأت رسالة حازم تمنيت لو أنها لا تنتهي فقد أحسست بمشاعر لم أشعر
بها من قبل ولم يكن لدي أمل كبير في أن أشعر بها يومًا ما، هل أنا جذابة إلى هذا الحد ؟كم
تمنيت وأنا أقرأ كلماته لو أنني أمتلك جناحين لأطير بهما ولا أعود ثانية إلى الأرض ولكنى أخاف من أن تكون الرسالة مجرد كلمات ولا تعدو أن تكون كـذلك !! ثم تعود وتقول: لعنة الله على كل مخاوفنا التي تحد من استمتاعنا بالحياة وما تمنحه لنا.
في السادسة صباحًا ذهبت كالعادة لإيقاظ أمها وأبيها ، ثم عادت ووقفت أمام المرآة تمشط
شعرها، وتغني "دا عريسي هيا خدني بالسلامة يا ماما " ... ثم توقفت وسألت نفسها لماذا
تغنى هذه الأغنية بالذات ؟ هل وافقت دون أن تشعر واعتبرت حازم العريس ؟ أم تريد أن
تعيـش دور الأنثى التي تتعزز وتقول له دعني أفكر ؟ ونظرت إلى نفسها بالمرآة بشيء من
المكر ولم تجب على أي سؤال ووضعت بعض المساحيق على وجهها ، ثم مسحتها ثانية فهي لا تستطيع أبدًا أن تخرج بها ، ثم ظلت تجرب ما سترتدي اليوم ودارت كالفراشة أمام المرآة...
وتحدثت إليها، وكأنها صديقتها، وأخبرتها عن الرسالة، وشكل فستان زفافها الذي تتمناه،
وتوقفت مرة أخرى ... ماذا يحدث بالضبط؟ لم كل هذه النشوة؟ وأخيرا.. مسحت كل شيء عن
وجهها ولفته بالإيشارب الوردي الذي تفضله وخلعته مرة أخرى، وذهبت وأعدت الفطور
وأثناء الجلوس إلى المائدة نظر أبيها إليها وقال: إيه الحلاوة دى يا سارة وشك منور النهاردة ما
شاء الله، نظرت إلى أمها وابتسمت، فردت الأم: أصل جايلها عريس وباين عليه ولد طيب وابن
حلال، احمر وجه سارة وقامت على الفور بحجة إحضار بعض السكر من المطبخ رغم وجوده
أمامها ضحك الأب ونظر إلى زوجته وقال: يعنى لازم تكسفي البنت؟ عادت سارة بدون أن
تتلفظ بكلمة وأكملت إفطارها بسرعة ودخلت إلى غرفتها وأغلقت الباب وراءها وقالت: الحمد
لله إن بابا ماسألش عن التفاصيل، يا خرابي ... ده أنا كنت أروح فيها، إيه الهبل ده ياسارة ؟ ما تمسكي نفسك شوية يا أموره وضحكت عاليًا واتجهت إلى خزانة ملابسها واستعدت للخروج
وذهبت إلى أمها وقبلتها كالعادة وطلبت منها أن تدعو لها وخرجت متجهة إلى العمل وهى
تتحدث مع نفسها بصوت مسموع وتقول " وبعدين معاكي يا ست سارة إيه التوتر اللي أنتي
فيه ده؟ وبدأت تردد " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " هدأت بعض الشيء وبدت في منتهى البراءة وهي تقول: يا رب فك عقدة لساني وما تلخبطش لو قابلت حازم ، يارب ده
أنا مسكينة وماليش غيرك ، وفجأة انفجرت في البكاء بلا مقدمات فهي لم تتوقع أن تواجه في
حياتها مثل هذه التجربة ، فقد كانت توقن بأنها سترتبط وتتزوج بشكل تقليدي أو كما يسمى
زواج الصالونات مثل الغالبية العظمى من بنات جيلها في مصر، ولكنها هدأت مرة أخرى ،
وعندما وصلت إلى مقر الشركة رأت حازم ينزل من سيارته ولكنه لم يراها فأسرعت متجهة
إلى باب المصعد حتى تتجنب المواجهة وهي في هذه الحالة ولكن المصعد كان يقف في
الطابق الثاني والعشرون ووقع المحظور وبدون مفاجأة وصل العريس متأنقًا كعادته وألقى
بالتحية ...- صباح الخير يا سارة .
المرآة
في الثامنة مساءًا وكعادتها يوميًا دخلت سارة على الشبكة العنكبوتية، وكالعادة أيضًا
بدأت بالدخول إلى بريدها الإلكتروني، فإذا بها تفاجأ برسالة من حازم ...!!
فتحتها وانطلقت في القراءة ولكنها توقفت عند السطر الثالث ونظرت لأعلى الرسالة حتى
... تتأكد من أنها موجهة لها فعلا ولما تأكدت أعادت القراءة من البداية وهي في ذهول تام ولم
تتوقف هذه المرة إلا عند توقيع حازم بنهاية الرسالة ، وبعد أن فرغت من قراءتها دمعت عيناها
حيث شعرت بصدق ما جاء فيها، حتى أنها أعادت قراءتها أربع أو خمس مرات قبل أن تتوجه
إلى والدتها وهي مذهولة تمامًا لتحكي لها كل ما حدث حيث أنها لا تخفي عنها شيئًا.
ذهبت وأحضرت معها أمها إلى غرفتها وأطلعتها على الرسالة، قرأت الأم رسالة حازم ، ورغم
اعتراضها الخفي على أسلوب الكلام إلا أنها فرحت كثيرًا بها ، حيث رأت بخبرتها ذكاء وطيبة
من يكتب مثل هذا الكلام وبهذه الطريقة، ولكنها لم تصرح بأي شيء من ذلك كي لا تؤثر على
سارة ، ولتترك لها الحرية الكاملة في التقرير والاختيار، كل ما قالته أنها تتوسم في حازم خيرًا
ونصحتها بالاستخارة والتفكير.
خرجت الأم من الغرفة واستلقت سارة مسترخية على سريرها تنظر إلى السقف ، سارحة
مشتتة التفكير عاجزة عن التركيز في شيء محدد إلا موضوع الرسالة ، وبين الحين والآخر
تفتح الرسالة وتقرأها وتقول لنفسها ... هل أحلم ؟ أم أنني محظوظة ؟ أم أن هناك خطأ ما ؟
ثم أخيرًا قامت متوجهة إلى شرفتها ونظرت إلى النيل الذي تعشق منظره ساعة الغروب ولكنها كانت تراه في هذا اليوم أجمل كثيرًا من ذي قبل ( لماذا يا ترى ؟!! )
وأتى الليل ونامت لكن بعد صراع مع النوم امتد حتى الثالثة صباحًا ورغم ذلك فقد استيقظت
بعدها بساعة ونصف عند آذان الفجر لتصلي ودعت في صلاتها إلى الله أن يلهمها القرار
الصائب وما فيه الخير لها ولحازم .. ثم قامت واتجهت إلى المرآة ، ووقفت أمامها طويلا وقالت
في نفسها عندما قرأت رسالة حازم تمنيت لو أنها لا تنتهي فقد أحسست بمشاعر لم أشعر
بها من قبل ولم يكن لدي أمل كبير في أن أشعر بها يومًا ما، هل أنا جذابة إلى هذا الحد ؟كم
تمنيت وأنا أقرأ كلماته لو أنني أمتلك جناحين لأطير بهما ولا أعود ثانية إلى الأرض ولكنى أخاف من أن تكون الرسالة مجرد كلمات ولا تعدو أن تكون كـذلك !! ثم تعود وتقول: لعنة الله على كل مخاوفنا التي تحد من استمتاعنا بالحياة وما تمنحه لنا.
في السادسة صباحًا ذهبت كالعادة لإيقاظ أمها وأبيها ، ثم عادت ووقفت أمام المرآة تمشط
شعرها، وتغني "دا عريسي هيا خدني بالسلامة يا ماما " ... ثم توقفت وسألت نفسها لماذا
تغنى هذه الأغنية بالذات ؟ هل وافقت دون أن تشعر واعتبرت حازم العريس ؟ أم تريد أن
تعيـش دور الأنثى التي تتعزز وتقول له دعني أفكر ؟ ونظرت إلى نفسها بالمرآة بشيء من
المكر ولم تجب على أي سؤال ووضعت بعض المساحيق على وجهها ، ثم مسحتها ثانية فهي لا تستطيع أبدًا أن تخرج بها ، ثم ظلت تجرب ما سترتدي اليوم ودارت كالفراشة أمام المرآة...
وتحدثت إليها، وكأنها صديقتها، وأخبرتها عن الرسالة، وشكل فستان زفافها الذي تتمناه،
وتوقفت مرة أخرى ... ماذا يحدث بالضبط؟ لم كل هذه النشوة؟ وأخيرا.. مسحت كل شيء عن
وجهها ولفته بالإيشارب الوردي الذي تفضله وخلعته مرة أخرى، وذهبت وأعدت الفطور
وأثناء الجلوس إلى المائدة نظر أبيها إليها وقال: إيه الحلاوة دى يا سارة وشك منور النهاردة ما
شاء الله، نظرت إلى أمها وابتسمت، فردت الأم: أصل جايلها عريس وباين عليه ولد طيب وابن
حلال، احمر وجه سارة وقامت على الفور بحجة إحضار بعض السكر من المطبخ رغم وجوده
أمامها ضحك الأب ونظر إلى زوجته وقال: يعنى لازم تكسفي البنت؟ عادت سارة بدون أن
تتلفظ بكلمة وأكملت إفطارها بسرعة ودخلت إلى غرفتها وأغلقت الباب وراءها وقالت: الحمد
لله إن بابا ماسألش عن التفاصيل، يا خرابي ... ده أنا كنت أروح فيها، إيه الهبل ده ياسارة ؟ ما تمسكي نفسك شوية يا أموره وضحكت عاليًا واتجهت إلى خزانة ملابسها واستعدت للخروج
وذهبت إلى أمها وقبلتها كالعادة وطلبت منها أن تدعو لها وخرجت متجهة إلى العمل وهى
تتحدث مع نفسها بصوت مسموع وتقول " وبعدين معاكي يا ست سارة إيه التوتر اللي أنتي
فيه ده؟ وبدأت تردد " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " هدأت بعض الشيء وبدت في منتهى البراءة وهي تقول: يا رب فك عقدة لساني وما تلخبطش لو قابلت حازم ، يارب ده
أنا مسكينة وماليش غيرك ، وفجأة انفجرت في البكاء بلا مقدمات فهي لم تتوقع أن تواجه في
حياتها مثل هذه التجربة ، فقد كانت توقن بأنها سترتبط وتتزوج بشكل تقليدي أو كما يسمى
زواج الصالونات مثل الغالبية العظمى من بنات جيلها في مصر، ولكنها هدأت مرة أخرى ،
وعندما وصلت إلى مقر الشركة رأت حازم ينزل من سيارته ولكنه لم يراها فأسرعت متجهة
إلى باب المصعد حتى تتجنب المواجهة وهي في هذه الحالة ولكن المصعد كان يقف في
الطابق الثاني والعشرون ووقع المحظور وبدون مفاجأة وصل العريس متأنقًا كعادته وألقى
بالتحية ...- صباح الخير يا سارة .